لم تكن في حاجة الي كثير من الوقت لكي تدرك انك قد تغيرت...تغيرت كثيرا...لم يفلح التجاهل او التناسي في اخفاء ذلك...بل لعلك لم تشعر بالمفاجأة قدر شعورك بالتوقع بان ساعات العمل المتواصلة واحتكاكك المباشر بنوعيات لا تطيقها من البشر قد اثرا فيك كثيرا واعادا رسم خريطتك الداخلية من جديد...نتيجة متوقعة لخطة عفوية شديدة الاتقان...
استوعبت ذلك مبكرا حين اصبح الصداع الهاديء هو الخلفية الموسيقية المزمنة لرأسك المليء بالعواصف الصامتة...وادركته مجددا حين قل عدد مرات استخدامك لكروت الشحن كانعكاس طبيعي لاختفاء ملكات التواصل مع الاخرين تدريجيا وحلت محلها مهارات الانتظار والتحمل والصبر المفعم بالقلق وضرب ارقام قياسية في عدد الساعات المتتاية بدون نوم ...وان ظل الاشتياق موجودا الي الكثير من رفاق الرحلة الحياتية خاصة مع تضحضح مساحات السعادة المشتركة واللقاءات الحميمة بينكم كما قلت طقوسك المتفردة التي طالما ميزتك علي الاخرين...تذوقت مرارات الحرمان من اشياء واشخاص واماكن وعادات تحبها وتأنس اليها...وايقنت انه الثمن الذي ستدفعه لفترة لا بأس بها من حياتك...
لم يعد نومك يمتليء بفترات الارق المتقطعة التي اعتادت ان تثير زوابع حيرتك في الماضي...لم تعد تتردد كثيرا قبل ان ترد علي اي متصل فحين تصبح كلمة (ما تفرقش) هي الاجابة الوحيدة لكل الاسئلة تزول معالم التردد التي طالما قيدتك بالامس القريب...واخيرا تاكد لك الامر تماما حين امسكت بالقلم بعد فترة خصام متبادل فعاندتك الكتابة طويلا ...
صفقة تبادلية حتمية قد تكون خسرت فيها الكثير لكنها خسارة لابد منها في هذا التوقيت لتحقق مكاسب اخري لا غني عنها في الوقت الراهن...وبالرغم من كل تلك الضربات الخفيفة الموجعة فانها في النهاية-ولو مؤقتا- خطوة اخري علي سلم التطور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق