اول مرة امسك قلم وابقي عايز من نفسي اني اكتب مقال...قدامي صفحة بيضا هي الخواء المطلق...صفحة بيضا هي كل الاحتمالات مفتوحة علي مصراعيها...لكن ان كان لزاما عليا ان انا اكتب لاسباب كتير هحكيها في يوم من الايام...فمينفعش البداية تكون غير معاك انتا لاسباب كتير هحكيها دلوقتي...تدوينة مليانة بالفضفضة والحنين بس انا فعلا محتاج اوي ده دلوقتي...محتاج افضي من اللي جوايا عشان احس بالفراغ الداخلي الممتع...وبالذات كلام عن حد كل يوم بيزيد افتقادي ليه زي كرة التلج ما بتكبر كل ما بتتزحلق...وده ان دل علي شيء يدل علي ان نظرية (البعيد عن العين ) هي نوع من الخيال العلمي المحض...
**********
ده اللي انتا شلته علي كتفك من المدخل...واقف قصادك ولد يمكن عينيك فاكراه
عايزك تقوللي ازاي اعيش تاني...ما تقوللي ايه العمل...يابا اخترعلي الامل
<<من قصيدة للجميل امين حداد>>
**********
لم يكن رحيلك المفاجيء مجرد حادث مؤلم او كارثة مفجعة...بل علامة فاصلة في تاريخ الحياة...انقسم عندها العمر كاعلانات التجميل لمرحلتي (قبل) و(بعد)...(قبل) كنت انغمس في الفرحة حتي الثمالة ولا اشعر بالخوف او هاجس الفقد...تأتي الاحزان عابرة سريعة...(بعد) اصبحت اشعر الافراح مختلسة قصيرة والاحزان مقيمة وممتدة...اخذت مصل الحزن الابدي...فاصبح الحزن هو رفيق دربي الدائم مع اختفاء الاندهاشات الاولي والاوجاع البدائية...فأي دهشة واي وجع تلك التي تؤثر في الجسد بعد انفصام الروح عنه...اصبح (بعد) كله هو وقت ضائع...خارج الوقت...فالزمن وعقارب الساعة قد توقفوا للابد عند لحظة غيابك الابدي...ما اصعب الحياة حين نعجز ان نخلص معابد الروح من اشباح ارواح سكنتها ولم تشبع منها تمام الشبع...ولكننا تعلمنا انها الحياة...قد تخسر الكثير...قد تحن لمحطات عابرة في حياتك...قد تتمني ان تعود لنقطة البدابة...لكنك تعرف جيدا انها لعبة لا تحمل اوبشن الريستارت لمن فقد الكثير من فرصه وصحته واحبائه في مراحلها الاولية...
كم هو مؤلم ان تمضي وانت تعلم ان جميع دروب العودة من خلفك تحترق...وطرق التقدم من امامك تتشعب...فلا انت تملك القدرة علي الرجوع لماضيك...ولا الشجاعة في تحديد هوية مستقبلك ...
****************
والفرق ما بيني وبين والدي...مسألة السن
<<عن اغنية لفرقة المصريين من تأليف المبدع صلاح جاهين>>
http://www.youtube.com/watch?v=pVEcJM2Lk28
*****************
كنت ككل شيء جميل اعتدت عليه حتي ألفته ولم اعد اشعر بوجوده... ثم اختفي فاكتشفت انه عمود الخيمة وقد انهار...وذكريات و ايام زادها فقدك زينة فاحسستها اجمل وابهج مما كانت عليه وقتها...كعادة كل اللحظات التاريخية في حياتنا لا نشعر بمدي عبقريتها الا بعد ان تمر...رحلت فجاة دون اي مقدمات و اورثت عمتي مسئولية الاعتناء بي و اورثت اختي كثيرا من ملامحك وكان نصيبي الكثير من روحك وصفاتك واحلامك وهمومك...
********************
بيقولوا لما كان قدي....كان زي الجن
*********************
مر قطار العلاقة بيننا بالعديد من المحطات...بدات بالانبهار الشديد وانتهت به الان...وتوقف طويلا عند محطات التمرد والثورة والغضب والتشبه...
بمناسبة الشبه...عارف انك شبه عبد الناصر اللي بتحبه وورثتني حبه اوي...نفس الكرامة والزهد...نفس الاعتماد الكامل عليك ونفس التوهة المطلقة من بعدك...فاكر لما شفتك بتقرا كتاب بيشتم فيه وسألتك وانا مستعجب...وانتا جاوبتني ان مينفعش تبص علي اي موضوع من وجهة نظرك انتا بس...فاكر لما حصلت خناقة في البيت وجيت ليلتها واعتذرت لأمي وليا علي نصيبك من الغلط...سامحني يا حمادة انا اسف...تخيل من ساعتها مسمعتهاش من اصغر صحابي سنا ومقاما...عجبي!!!
*************************
عايش كده علي كيفه...فارس فارد سيفه
شاغل يومه بالمواعيد...هاجر نومه بس سعيد
**************************
كل ما اعدي علي كازينو الحمام علي النيل بفتكر العزومة اللي وعدتنا بيها هناك بس العمر مداكش فرصة...تخيل عمري ما دخلته!!! زي بالظبط لما قررت ان اي اتنين في بيتنا يتفقوا ان حد في البيت عمل حاجة تضايقهم يدفعلهم فورا عشرة جنيه...فاكر ساعتها استعبطنا انا واختي واتفقنا عليك ولمينا منك تلاتين جنيه في اربع ايام...طب عارف انه في اليوم الخامس انتا اللي ضحكت علينا ومخدناش حاجة...لاننا كنا بنصلي عليك في جامع رابعة العدوية وبندعيلك بالرحمة...
***************************
داب في جميع انواع الحب...واتنقل من قلب لقلب
عمره ما خاف من بكره...ولا نادم علي ذكري
****************************
المعلم الامثل هو من يهديك الي الطريق...ويساعدك ان تحبو خطواتك الاولي عليه...لا من يحملك علي ريش النعام الي قمة الجبل...وانت كنت ذلك المعلم...ولعل ذلك هو ما جعلني لا ادرك قيمة ما تعلمته منك الا بعد سنوات وسنوات من رحيلك مع تقدمي في ادغال الحياة ومستنقعاتها...
مش هنسي لما اشتكتلك ان زميلي في المدرسة عنده بلاي ستيشن وعجلة بسرعات...وانا كنت باصصله علي انه اوناسيس دنيا الاطفال...ساعتها خدتني معاك للميكانيكي في منطقة القلعة وسبتني اقضي اليوم مع عياله في بيته وخدتني اخر اليوم...قلتلي جملة مفهمتهاش...بص دايما عاللي تحتك في المال واللي فوقك في العلم والعمل...يمكن وقتها مفهمتش منها حاجة بس اما كبرت رنت اوي في دماغي...
اتذكر اندهاشاتي الاولي حين رايت صديقي يقف محمر الوجه امام ابيه...وذعري الاكبر حين صدمت بوالده يسبه امامي...ثم خفتت علامات التعجب تدريجيا بعدما شاهدت بأم عيني اصدقاء يعاملهم اهاليهم كمخدة في يد منجد كما يقولون...تتجسد امامي صورتك وانت تلاعبني الشطرنج والتنس وتصاحبني الي سينما نورماندي الشتوي لنشاهد سويا (باتمان للابد)...
الحاجات الصغيرة دايما هي اللي بتفضل في الذاكرة...صعب انسي اول مرة علمتني العوم في بحر بلطيم...سبتني علي الشط وقعدت ابلبط وانا خايف لحد ما خوفي من المية راح...اول مرة علمتني مسكة الفاس لحد ما ايدي اتجرحت من التعب...ساعتها طبطبت عليا وحكيتلي حديث الرسول ( هذة يد يحبها الله)...اول مرة جبتلي مجلة ماجد وباسم وعلاء الدين وكتب مكتبة الاسرة...لحد ما تعلمت ابقي مدمن قراية زيك...كان حلمك ابنك يبقي مثقف وشاطر وبطل رياضي...طب تخيل انا بتكسف من نفسي لما بشوفك في الصور بالجسم الرياضي الممشوق ده وانتا متجوز ومخلف ولد وبنتين كمان...صعب الواحد ينسي اول مرة ابنه يجيله من المدرسة يكلمه انه بيحب ومش عارف يتصرف ازاي...فاكر اما حكيتلك عن امنية زميلتي في تالتة ابتدائي وحب الطفولة البريء...ساعتها انتا ضحكت اوي ونصحتني اني اثبتلها واثبت لنفسي اني جدير بالارتباط بيها (!!) باني اتفوق في دراستي وفي السباحة...دايما كنت صاحبي الكبير مش ابويا ...مستحيل انسي لما هند اختي كانت بعيدة عننا فترة وانا طلبت منك ننزل ناكل بره زي كل يوم جمعة وانتا استأذنتني نأجلها لحد هند ما ترجع..."ما تحسش بطعم اي حاجة حلوة من غير ما اختك تشاركك فيها"...ياااااه عالدنيا...
************************
حب الناس والناس حبوه...بس في مرة الناس عاتبوه
***********************
اختلفت كثيرا مع امي وكانت دائما ما تقول لك:"مفيش حد بيعمل كده"...مفيش حد بيعمل عربيته تاكسي ببلاش ويوصل كل صحاب ابنه واحد واحد لباب بيتهم حتي لو في اخر الدنيا...دنتا حتي الناس اللي في الشارع اللي منعرفهمش كنت بتاخدهم في سكتنا...مفيش حد يقف في طابور العيش المدعم وبدل ما يزاحم ويمارس الاعيب (علي الزيبق) عشان يوصل للحلم...لشباك الفرن...يعمل العكس ويدور علي اي حد عجوز او ست كبيرة واقفة وراه عشان يطلعها قدامه في الطابور...ابتسم عندما اتذكر اني علمت بالصدفة موضوع الاوراق النقدية التي كنت تخفيها في يدك لتضعها خلسة في يد غلابة المنطقة عند السلام والحديت بعد صلاة الجمعة...علمتني ابقي اشتراكي زيك برغم ان جدي سماك سعد علي اسم (سعد زغلول) لانه كان شخصية وفدية واتصاب في ثورة تسعتاشر من اجل سعد...حاجات كتير استوعبتها وهضمتها بعد غيابك بسنين وربما بعد فوات الاوان ومكنتش حاسس بقيمتها وانت في وسطنا...لاسباب وضغوط كتير عليا وقتها ويمكن موجودة لغاية دلوقتي بس تأثيرها معادش زي الاول لان مع الوقت الانسان بيكتشف الحقيقي من المزيف والطبيعي من المصطنع...كم هو مؤلم ان تدرك متأخرا انك لعبت دور الدمية الغبية لفترة لا بأس بها من حياتك...وانك لم تعي اهمية ما بين يديك حتي اختفي للابد...
***********************
علي انه مش زي ابوه...رد وقال...انا ابن حلال
والفرق ما بيني وبين والدي...مسألة السن
***********************
اذا كنت اقدر الخصك في كلمتين فكلام كتير اوي هيتسابق عشان يدخل التوب تن...بس أول كلمتين هييجوا جري علي بالي هما الكرامة والزهد...عمرك ما كنت تطلب حاجة من حد ولا تعتب مكان مش حاسس فيه بكرامتك في اعلي مستوياتها ولا تعبر بني ادم مسها بطرف...كنت زاهد اوي في الاكل ومعظم ايام السنة صايم ويا دوبك فطارك شوربة عدس وعجة وطبق بليلة...عايش علي تلفزيون ابيض واسود عتيق وعربية مية تمنية وعشرين متهالكة ومصابة بانفلونزا السيارات...لكن دايما كنت حاسك ملك زمانك...عايش اللحظة ومستمتع بيها لا بتندم كتير عللي فاتك ولا بتقلق كتير من اللي جاي وسايبها علي ربنا...
سنوات واحداث ومواقف ومحطات مزدحمة مرت منذ رحيلك...ولا زال مكانك بجواري خاليا...لا زلت اري ارائي تحتمل الخطأ او الصواب كورقة اجابة تنتظر تقييم مصحح شاءت ارادة المولي ان يختفي فجاة...فحديثك عندي كان دائما اليقين ووجهات نظرك كانت دوما المشاعل التي تخفف عني ظلمة طرقات الحياة ودهاليزها وتذيب الحيرة التي امتلكتني كلما واجهت جديدا في الرحلة...رحلت وانا طفل يقترب من مرحلة المراهقة فلا عاشرتني امد من عمري فارتوي منك حتي اشبع ولا تركتني رضيعا فأشب علي الدنيا دون ان احمل واتحمل قسوة ومرارة الذكري ودون ان انتظرك في سحور رمضان بسندويتشات الفول بالليمون والتوابل التي كنت تتميز بها...حين يمضي احباؤنا نراهم ونستشعرهم في كل شيء نحبه ونتذكرهم في كل لحظاتنا المصيرية ونتمني عبثا دفء وجودهم بجانبنا حينها...
عشت طوال حياتك تحارب من اجل احلامك المهنية والوطنية والشخصية...ولم تنل منها الا القليل وربما قتلك ذلك يأسا واحباطا...ولكني رأيتك تناضل حتي النفس الاخير وتنزف حتي نقطة الدم الاخيرة في حلبة القتال...لتعلمني دون ان تدري ان النجاح هو العمل جديا لتحقيق اهدافك...توصلها او متوصلهاش دي بتاعة ربنا ومشيئته...وده ان حسسني بشيء فبيحسسني بمسئولية وفخر اني اكون ابنك...بل واصر افتخارا بك ان القب محمد سعد منتصر لا محمد منتصر فقط...واعلم تماما الفرق الذي يحتم علي ان اتعامل بشياكة ورقي وتكبر عن الصغائر وان اكون اضافة وامتدادا لك ما استطعت الي ذلك سبيلا...واوقن تماما انك لو كنت اي شخص اخر غيرك انت...غير سعد منتصر...لكنت انا بالتبعية شخص اخر تماما غير الذي انا عليه الان...وحتي وان جرحتني دون قصد في احد الايام او آلمني فيك عيب ما...فكما يقول عم نجم في قصيدته لعبد الناصر..." وان كان جرح قلبنا...كل الجراح طابت"...وربنا يرحم الجميع ويجمعنا بيهم علي خير...
*************************
وانا طالع زيه ولا بيدي...والدم يحن
**********
ده اللي انتا شلته علي كتفك من المدخل...واقف قصادك ولد يمكن عينيك فاكراه
عايزك تقوللي ازاي اعيش تاني...ما تقوللي ايه العمل...يابا اخترعلي الامل
<<من قصيدة للجميل امين حداد>>
**********
لم يكن رحيلك المفاجيء مجرد حادث مؤلم او كارثة مفجعة...بل علامة فاصلة في تاريخ الحياة...انقسم عندها العمر كاعلانات التجميل لمرحلتي (قبل) و(بعد)...(قبل) كنت انغمس في الفرحة حتي الثمالة ولا اشعر بالخوف او هاجس الفقد...تأتي الاحزان عابرة سريعة...(بعد) اصبحت اشعر الافراح مختلسة قصيرة والاحزان مقيمة وممتدة...اخذت مصل الحزن الابدي...فاصبح الحزن هو رفيق دربي الدائم مع اختفاء الاندهاشات الاولي والاوجاع البدائية...فأي دهشة واي وجع تلك التي تؤثر في الجسد بعد انفصام الروح عنه...اصبح (بعد) كله هو وقت ضائع...خارج الوقت...فالزمن وعقارب الساعة قد توقفوا للابد عند لحظة غيابك الابدي...ما اصعب الحياة حين نعجز ان نخلص معابد الروح من اشباح ارواح سكنتها ولم تشبع منها تمام الشبع...ولكننا تعلمنا انها الحياة...قد تخسر الكثير...قد تحن لمحطات عابرة في حياتك...قد تتمني ان تعود لنقطة البدابة...لكنك تعرف جيدا انها لعبة لا تحمل اوبشن الريستارت لمن فقد الكثير من فرصه وصحته واحبائه في مراحلها الاولية...
كم هو مؤلم ان تمضي وانت تعلم ان جميع دروب العودة من خلفك تحترق...وطرق التقدم من امامك تتشعب...فلا انت تملك القدرة علي الرجوع لماضيك...ولا الشجاعة في تحديد هوية مستقبلك ...
****************
والفرق ما بيني وبين والدي...مسألة السن
<<عن اغنية لفرقة المصريين من تأليف المبدع صلاح جاهين>>
http://www.youtube.com/watch?v=pVEcJM2Lk28
*****************
كنت ككل شيء جميل اعتدت عليه حتي ألفته ولم اعد اشعر بوجوده... ثم اختفي فاكتشفت انه عمود الخيمة وقد انهار...وذكريات و ايام زادها فقدك زينة فاحسستها اجمل وابهج مما كانت عليه وقتها...كعادة كل اللحظات التاريخية في حياتنا لا نشعر بمدي عبقريتها الا بعد ان تمر...رحلت فجاة دون اي مقدمات و اورثت عمتي مسئولية الاعتناء بي و اورثت اختي كثيرا من ملامحك وكان نصيبي الكثير من روحك وصفاتك واحلامك وهمومك...
********************
بيقولوا لما كان قدي....كان زي الجن
*********************
مر قطار العلاقة بيننا بالعديد من المحطات...بدات بالانبهار الشديد وانتهت به الان...وتوقف طويلا عند محطات التمرد والثورة والغضب والتشبه...
بمناسبة الشبه...عارف انك شبه عبد الناصر اللي بتحبه وورثتني حبه اوي...نفس الكرامة والزهد...نفس الاعتماد الكامل عليك ونفس التوهة المطلقة من بعدك...فاكر لما شفتك بتقرا كتاب بيشتم فيه وسألتك وانا مستعجب...وانتا جاوبتني ان مينفعش تبص علي اي موضوع من وجهة نظرك انتا بس...فاكر لما حصلت خناقة في البيت وجيت ليلتها واعتذرت لأمي وليا علي نصيبك من الغلط...سامحني يا حمادة انا اسف...تخيل من ساعتها مسمعتهاش من اصغر صحابي سنا ومقاما...عجبي!!!
*************************
عايش كده علي كيفه...فارس فارد سيفه
شاغل يومه بالمواعيد...هاجر نومه بس سعيد
**************************
كل ما اعدي علي كازينو الحمام علي النيل بفتكر العزومة اللي وعدتنا بيها هناك بس العمر مداكش فرصة...تخيل عمري ما دخلته!!! زي بالظبط لما قررت ان اي اتنين في بيتنا يتفقوا ان حد في البيت عمل حاجة تضايقهم يدفعلهم فورا عشرة جنيه...فاكر ساعتها استعبطنا انا واختي واتفقنا عليك ولمينا منك تلاتين جنيه في اربع ايام...طب عارف انه في اليوم الخامس انتا اللي ضحكت علينا ومخدناش حاجة...لاننا كنا بنصلي عليك في جامع رابعة العدوية وبندعيلك بالرحمة...
***************************
داب في جميع انواع الحب...واتنقل من قلب لقلب
عمره ما خاف من بكره...ولا نادم علي ذكري
****************************
المعلم الامثل هو من يهديك الي الطريق...ويساعدك ان تحبو خطواتك الاولي عليه...لا من يحملك علي ريش النعام الي قمة الجبل...وانت كنت ذلك المعلم...ولعل ذلك هو ما جعلني لا ادرك قيمة ما تعلمته منك الا بعد سنوات وسنوات من رحيلك مع تقدمي في ادغال الحياة ومستنقعاتها...
مش هنسي لما اشتكتلك ان زميلي في المدرسة عنده بلاي ستيشن وعجلة بسرعات...وانا كنت باصصله علي انه اوناسيس دنيا الاطفال...ساعتها خدتني معاك للميكانيكي في منطقة القلعة وسبتني اقضي اليوم مع عياله في بيته وخدتني اخر اليوم...قلتلي جملة مفهمتهاش...بص دايما عاللي تحتك في المال واللي فوقك في العلم والعمل...يمكن وقتها مفهمتش منها حاجة بس اما كبرت رنت اوي في دماغي...
اتذكر اندهاشاتي الاولي حين رايت صديقي يقف محمر الوجه امام ابيه...وذعري الاكبر حين صدمت بوالده يسبه امامي...ثم خفتت علامات التعجب تدريجيا بعدما شاهدت بأم عيني اصدقاء يعاملهم اهاليهم كمخدة في يد منجد كما يقولون...تتجسد امامي صورتك وانت تلاعبني الشطرنج والتنس وتصاحبني الي سينما نورماندي الشتوي لنشاهد سويا (باتمان للابد)...
الحاجات الصغيرة دايما هي اللي بتفضل في الذاكرة...صعب انسي اول مرة علمتني العوم في بحر بلطيم...سبتني علي الشط وقعدت ابلبط وانا خايف لحد ما خوفي من المية راح...اول مرة علمتني مسكة الفاس لحد ما ايدي اتجرحت من التعب...ساعتها طبطبت عليا وحكيتلي حديث الرسول ( هذة يد يحبها الله)...اول مرة جبتلي مجلة ماجد وباسم وعلاء الدين وكتب مكتبة الاسرة...لحد ما تعلمت ابقي مدمن قراية زيك...كان حلمك ابنك يبقي مثقف وشاطر وبطل رياضي...طب تخيل انا بتكسف من نفسي لما بشوفك في الصور بالجسم الرياضي الممشوق ده وانتا متجوز ومخلف ولد وبنتين كمان...صعب الواحد ينسي اول مرة ابنه يجيله من المدرسة يكلمه انه بيحب ومش عارف يتصرف ازاي...فاكر اما حكيتلك عن امنية زميلتي في تالتة ابتدائي وحب الطفولة البريء...ساعتها انتا ضحكت اوي ونصحتني اني اثبتلها واثبت لنفسي اني جدير بالارتباط بيها (!!) باني اتفوق في دراستي وفي السباحة...دايما كنت صاحبي الكبير مش ابويا ...مستحيل انسي لما هند اختي كانت بعيدة عننا فترة وانا طلبت منك ننزل ناكل بره زي كل يوم جمعة وانتا استأذنتني نأجلها لحد هند ما ترجع..."ما تحسش بطعم اي حاجة حلوة من غير ما اختك تشاركك فيها"...ياااااه عالدنيا...
************************
حب الناس والناس حبوه...بس في مرة الناس عاتبوه
***********************
اختلفت كثيرا مع امي وكانت دائما ما تقول لك:"مفيش حد بيعمل كده"...مفيش حد بيعمل عربيته تاكسي ببلاش ويوصل كل صحاب ابنه واحد واحد لباب بيتهم حتي لو في اخر الدنيا...دنتا حتي الناس اللي في الشارع اللي منعرفهمش كنت بتاخدهم في سكتنا...مفيش حد يقف في طابور العيش المدعم وبدل ما يزاحم ويمارس الاعيب (علي الزيبق) عشان يوصل للحلم...لشباك الفرن...يعمل العكس ويدور علي اي حد عجوز او ست كبيرة واقفة وراه عشان يطلعها قدامه في الطابور...ابتسم عندما اتذكر اني علمت بالصدفة موضوع الاوراق النقدية التي كنت تخفيها في يدك لتضعها خلسة في يد غلابة المنطقة عند السلام والحديت بعد صلاة الجمعة...علمتني ابقي اشتراكي زيك برغم ان جدي سماك سعد علي اسم (سعد زغلول) لانه كان شخصية وفدية واتصاب في ثورة تسعتاشر من اجل سعد...حاجات كتير استوعبتها وهضمتها بعد غيابك بسنين وربما بعد فوات الاوان ومكنتش حاسس بقيمتها وانت في وسطنا...لاسباب وضغوط كتير عليا وقتها ويمكن موجودة لغاية دلوقتي بس تأثيرها معادش زي الاول لان مع الوقت الانسان بيكتشف الحقيقي من المزيف والطبيعي من المصطنع...كم هو مؤلم ان تدرك متأخرا انك لعبت دور الدمية الغبية لفترة لا بأس بها من حياتك...وانك لم تعي اهمية ما بين يديك حتي اختفي للابد...
***********************
علي انه مش زي ابوه...رد وقال...انا ابن حلال
والفرق ما بيني وبين والدي...مسألة السن
***********************
اذا كنت اقدر الخصك في كلمتين فكلام كتير اوي هيتسابق عشان يدخل التوب تن...بس أول كلمتين هييجوا جري علي بالي هما الكرامة والزهد...عمرك ما كنت تطلب حاجة من حد ولا تعتب مكان مش حاسس فيه بكرامتك في اعلي مستوياتها ولا تعبر بني ادم مسها بطرف...كنت زاهد اوي في الاكل ومعظم ايام السنة صايم ويا دوبك فطارك شوربة عدس وعجة وطبق بليلة...عايش علي تلفزيون ابيض واسود عتيق وعربية مية تمنية وعشرين متهالكة ومصابة بانفلونزا السيارات...لكن دايما كنت حاسك ملك زمانك...عايش اللحظة ومستمتع بيها لا بتندم كتير عللي فاتك ولا بتقلق كتير من اللي جاي وسايبها علي ربنا...
سنوات واحداث ومواقف ومحطات مزدحمة مرت منذ رحيلك...ولا زال مكانك بجواري خاليا...لا زلت اري ارائي تحتمل الخطأ او الصواب كورقة اجابة تنتظر تقييم مصحح شاءت ارادة المولي ان يختفي فجاة...فحديثك عندي كان دائما اليقين ووجهات نظرك كانت دوما المشاعل التي تخفف عني ظلمة طرقات الحياة ودهاليزها وتذيب الحيرة التي امتلكتني كلما واجهت جديدا في الرحلة...رحلت وانا طفل يقترب من مرحلة المراهقة فلا عاشرتني امد من عمري فارتوي منك حتي اشبع ولا تركتني رضيعا فأشب علي الدنيا دون ان احمل واتحمل قسوة ومرارة الذكري ودون ان انتظرك في سحور رمضان بسندويتشات الفول بالليمون والتوابل التي كنت تتميز بها...حين يمضي احباؤنا نراهم ونستشعرهم في كل شيء نحبه ونتذكرهم في كل لحظاتنا المصيرية ونتمني عبثا دفء وجودهم بجانبنا حينها...
عشت طوال حياتك تحارب من اجل احلامك المهنية والوطنية والشخصية...ولم تنل منها الا القليل وربما قتلك ذلك يأسا واحباطا...ولكني رأيتك تناضل حتي النفس الاخير وتنزف حتي نقطة الدم الاخيرة في حلبة القتال...لتعلمني دون ان تدري ان النجاح هو العمل جديا لتحقيق اهدافك...توصلها او متوصلهاش دي بتاعة ربنا ومشيئته...وده ان حسسني بشيء فبيحسسني بمسئولية وفخر اني اكون ابنك...بل واصر افتخارا بك ان القب محمد سعد منتصر لا محمد منتصر فقط...واعلم تماما الفرق الذي يحتم علي ان اتعامل بشياكة ورقي وتكبر عن الصغائر وان اكون اضافة وامتدادا لك ما استطعت الي ذلك سبيلا...واوقن تماما انك لو كنت اي شخص اخر غيرك انت...غير سعد منتصر...لكنت انا بالتبعية شخص اخر تماما غير الذي انا عليه الان...وحتي وان جرحتني دون قصد في احد الايام او آلمني فيك عيب ما...فكما يقول عم نجم في قصيدته لعبد الناصر..." وان كان جرح قلبنا...كل الجراح طابت"...وربنا يرحم الجميع ويجمعنا بيهم علي خير...
*************************
وانا طالع زيه ولا بيدي...والدم يحن
هناك تعليق واحد:
أخيراً قرأتلك زى ماوعدتك إمبارح, ومش عارفه ليه افتكرت تيتر ارابيسك وانا بقرا تدوينتك:
http://www.youtube.com/watch?v=NBqZVRCo4Zc&feature=related
أنا كمان والدى علمنى حاجات مافهمتهاش غير لما كبرت, ومنها حاجات تركتها بغيابه زى حب القراءة, وكإنى مش عايزه أفتكر كل ماقرا كتاب جديد ايام ماكان بيجيبلى المجلات وكتب القراءة للجميع...
بس تعرف مش بفتقده زيك ومقتنعه تماما انى تشربته وانه ادانى فى 16 سنة اللى ابهات كتير ماعرفوش يدوه لعيالهم فى 40 سنة, فالحمدلله انه رزقنى بيه ولو للفترة دى بس,
رحم الله أباءنا جميعا:)
إرسال تعليق